الأخ يوسف من السعودية، ذكر قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} آل عمران 191 .يسأل عن الأذكار المطلقة التي يمكن أن يأتي بها، وهو في طريقه لعمله، ما هي يا شيخ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
قول الله تعالى{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} آل عمران 191 هذا يشمل جميع الذكر، يشمل قراءة القران، ويشمل الذكر بالتسبيح والتهليل، كله من ذكر الله سبحانه وتعالى، وثبت في صحيح مسلم، من حديث عائشة رضي الله عنها "أنه عليه الصلاة والسلام كان يذكر الله على كل أحيانه"(1). وقال سبحانه: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ}الأحزاب 35 . وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} الأحزاب 41،42. فأوصى سبحانه وتعالى، وأمر بكثرة ذكره سبحانه وتعالى، ومن ذلك هذه الآية، في ذكر الله في جميع الأحوال، وذكر الله يكون بما تقدم يكون بالقران والأذكار، ومن أعظم الأذكار: الأذكار الموظفة في اليوم والليلة، في الأذكار موظفة في اليوم والليلة، يشرع للمسلم أن يحافظ عليها، أذكار في أدبار الصلوات، وفي أذكار عارضة، مثل إجابة المؤذن، وبعد إجابة المؤذن، الأذكار التي تقال، وكذلك الأذكار التي تقال عند النوم، والأذكار التي تقال من أول النهار، وآخر النهار، والأذكار التي تقال حينما يستيقظ الإنسان من الليل، كما جاء في حديث عبادة بن الصامت عند البخاري،(2) وجاء عند الترمذي(3)، أنه قال: "من تعار من الليل، وقال لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم دعا الله وصلى، إلا استجيب له" وقول تعرى يعني قام ذاكرا لله سب، رافعا لصوته، وهكذا الأذكار التي تكون في الصلاة في التسبيح في الركوع، والتسبيح في السجود، وكذلك ما يقال في التشهد، والصلاة كلها ذكر، الصلاة كما قال عليه الصلاة والسلام في الصلاة والتسبيح والتكبير وقراءة القران ولا حد لذلك، وجاءت أخبار كثيرة في هذا الباب عن النبي عليه الصلاة والسلام في أذكار معينة، ومن أجلها وأعظمها ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: "نقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس"(4) وفي حديث أبي سعيد الخدري عند النسائي أن هؤلاء الكلمات ومعها لا حول ولا قوة إلا بالله هي الباقيات الصالحات(5)، {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} هي من أجل الأعمال وأفضلها، وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، أنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة كان كمن أعتق عشرة أنفس، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، ورفع مائة درجة، ولم يأتي أحدا بأفضل مما قال إلا أحدا قال مثلما قال أو زاد"(6) ورواه مسلم من حديث أبي أيوب(7)، لكن قال" مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ " والأخبار كثيرة في ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام كما رواه في حديث أبي هريرة: "سبق المفردون، وقيل وما المفردون يا رسول الله؟ قال: المفردون هم الذين يذكرون الله كثيرا والذاكرات"(8) وعند الترمذي "قيل من المفردون؟قال: المستهترون في ذكر الله"(9) أي من أهتر بالذكر، أي لازم الذكر، الملازمون لذكره سبحانه وتعالى، فالأخبار في هذا كثيرة، وعلى المسلم أن يحافظ على الأذكار الموظفة، ثم يقول ما تيسر، ثم يجتهد الإنسان كما قال أخونا إن كان في سيارته، الإنسان في سيارته، في مكتبه، في عمله، في طريقه، الذكر ولله الحمد من أيسر الأعمال، ومن أجلها، هذا من فضل الله سبحانه وتعالى، يجري الذكر على اللسان وأنت على خير، وذكر الله سبحانه وتعالى أجله أن تذكره بلسانك، وأن تذكره بقلبك، هذا أجل وأرفع أنواع الذكر، أن تذكره بلسانك، وهو ثلاثة أقسام، الذكر اللساني القلبي، وهذا أعلاها وأرفعها، والذكر الثاني، الذكر القلبي، هو التأمل، ولهذا قال بعد ذلك: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ} آل عمران 191 . ذكر مع الذكر التفكر، دل على أن التفكر مع الذكر يجعله في أعلى الدرجات، أما لو أنه تأمل وتفكر في مخلوقات الله سبحانه وتعالى، كما قال عزوجل: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}، الذاريات 21 .ونظر في تقصيره، وفي تفريطه، هذا نوع من الذكر، والدرجة الثالثة، وهو الذكر اللساني لكن يغفل بقلبه، لا يستحضر بقلبه، هذا على خير عظيم، فالمسلم يجتهد في أن يلازم ما تيسر من أذكار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)علقه البخاري بصيغة الجزم تحت رقم (633) ، وأخرجه مسلم (373) ،
(2) أخرجه البخاري (1154) ،
(3) أخرجه الترمذي (3414) ،
(4) أخرج مسلم (2695) ، والترمذي (3597) ،
(5) أخرجه النسائي في الكبرى (10617) وفي عمل اليوم والليلة(848) والطبراني في "الدعاء" (1696) ، والحاكم 1/512-513، والبيهقي في "الشعب" (605) ، وصححه الحكم، ووافقه الذهبي!
(6) أخرجه البخاري (3293) و (6403) ، ومسلم (2691) ،
(7) أخرجه مسلم (2693) ،
(8) أخرجه مسلم (2676) ،
(9) أخرجه الترمذي (3596) ، وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.