يقول السائل : هل الدعاء مستجاب في جوف الليل؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
تقدم في حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال "قيل أي الدعاء أسمع، قال جوف الليل الأخر، ودبر الصلاة المكتوبات"(1) والنبي عليه الصلاة والسلام قال "إن الله ينزل إذا كان ثلث الليل الأخر"(2). وجوف الليل هذا المراد به جوف الليل في النصف الثاني، ويشمل أيضًا الليل كله لكن يتحرى الإنسان أخر الليل إذا تيسر أن يتحرى أخر الليل ثلث الليل الأخر إلى الأخر هذا أكمل، ولذا قال "في جوف الليل الأخر" قول الأخر هذا إشارة للنصف الثاني، يعني جوف الليل في النصف الثاني، وهذا يكون بعد مضي السدس الرابع ما قال أول الليل أو أخره قال جوف الليل الأخر هو النصف الثاني، السدس الرابع والخامس والسادس وجوفه يكون أول السدس الخامس، يعني عندنا السدس الرابع والخامس والسادس، وجوفه السدس الخامس، خوفه الخامس لأنه وسطه.
يعني ثلاث أسدس السدس الرابع والخامس والسادس الوسط ما هو جوفه الخامس أخره النبي عليه الصلاة والسلام قال في وصف صلاة داود عليه السلام "كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه"(3) الرابع داخل في أول النصف الثاني، السدس الرابع. يعني ثلث الليل الأخر يعني تقسم إلى ثلاثة، وثلثه الأخير فجوفه وسطه وسط الليل، ولهذا قال "وكان ينام ثلثه" وقالت عائشة رضي الله عنها: إن النبي عليه الصلاة والسلام "ما ألفاه السحر عندي إلا نائما"(4) الليل ستة أسداس أليس كذلك، أربعه أسداس الثلثان، والسدسان الأخيران ما هما، الخامس والسادس والله عز وجل نزوله في الثلث الأخير يوافق الخامس والسادس، والنبي قال "جوف الليل" فالجوف وسطه، والجوف هو الخامس لأنه وسط بين الرابع والسادس، وهو أول وقت النزول الإلهي، إذًا الخامس هو أول وقت النزول الإلهي لأنه نزوله سبحانه وتعالى هو ثلث الليل الأخر، وهما السدسان الخامس والسادس نص عليه، عليه الصلاة والسلام.
فالليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر هذا هو الليل، والنهار من طلوع الفجر إلى مغرب الشمس؛ ولهذا قال سبحانه:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، من الفجر انتهى الليل{ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } من طلوع الفجر إلى المغرب نص إلى الليل، أما إذا قيل نصف النهار نصف الليل هذا فيه خلاف، هل نصف الليل هنا المراد من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر أو من مغيب الشمس إلى طلوع الشمس.
أيضًا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في شرح حديث النزول هذا البحث، فقال هذا ثم تردد بعد ذلك وقال جاء ما يدل على حديث "ثلث الليل الأخر" النبي قال "ثلث الليل" على مقتضى قاعدة أنه يمتد إلى طلوع الشمس، لكن الحديث في النزول إلى طلوع الفجر، فكان الأظهر أنه إذا قيل ثلث الليل أنه أيضا من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر، والنهار من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس هذا هو الظاهر. ولذا إذا أردت أن تحسب الوقت، وقت العشاء مثلًا انظر قدر الساعات من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر، فإذا كان مثلًا الليل عشر ساعات ، كم يمتد؟ خمس ساعات تحسب خمس ساعات من مغيب الشمس بعدها ينتهي نصف الليل وينتهي وقت العشاء، هل ينتهي تماما مطلقًا أو ينتهي وقت الاختيار؟ يأتي وقت الضرورة هذا خلاف بين أهل العلم، نعم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرج مسلم (832)، والترمذي (3896) مختصراً، والنسائى في "الكبرى" (176) و (1556) من طرق عن أبي أمامة، ورواية مسلم مطولة دون ذكر صلاة جوف الليل الآخر.وأخرج الترمذي (3499) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ : ( جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ) والحديث حسنه الترمذي والألباني في صحيح الترمذي.
(2) أخرج البخاري (1145)، ومسلم (168) (857).
(3) حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه:" أحب الصلاة إلى الله صلاة داود أحب الصيام إلى الله صيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يوما ويفطر يوما". أخرجه البخاري (1131).
(4) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا» تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرج البخاري (1133)، ومسلم (742).